تعيش العديد من البلدان الأوروبية انعكاسات سلبية مباشرة للأزمة الأوكرانية على أمنها الغذائي واستقرارها السياسي، حيث ثمة ملامح أزمة اقتصادية واجتماعية أوروبية عامة من جراء الغلاء والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة ومشتقاتها والمواد والسلع الغذائية الرئيسية.
ويسود نقاش عام في أوساط الصحافة والرأي العام الأوروبي، حول تداعيات العقوبات المفروضة من جانب الاتحاد الأوروبي على روسيا، وكيف ستؤثر على الاقتصادات الأوروبية نفسها، وهي التي تعيش أصلا انكماشا مزمنا على وقع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد طيلة العامين الماضيين.
وللوقوف على ملامح ما يحدث من انعكاسات سلبية مباشرة للأزمة الأوكرانية على الحياة اليومية للمواطن الأوروبي، يقول ماهر الحمداني، الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية، المقيم في ألمانيا، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "بيت الشعر العربي القديم يقول: قومي هم قتلوا أميم أخي فإذا رميت يصيبني سهمي- وهذا الحال ينطبق تماما على الأوروبيين حاليا، فإذا رموا سهمهم يصيبهم، وكلما حاصروا روسيا أكثر وفرضوا المزيد من العقوبات عليها، وجدوا أنفسهم متأثرين ومتضررين بشدة من هذه العقوبات، كما ولو أنهم يحاصرون أنفسهم بيدهم، حيث تبدو الاقتصادات الأوروبية الآن أكثر معاناة وتأزما حتى من الاقتصاد الروسي نفسه، فنسب التضخم عالية جدا، وسط شح في السلع وارتفاع كبير في أسعار الطاقة والمحروقات، والتراجع الكبير والركود في الأسواق".
ويضيف الحمداني: "كل هذه المؤشرات تؤكد أنه رغم أن روسيا تعاني من العقوبات عليها، لكن الدول الأوروبية التي فرضتها، تعاني بنفس القدر وربما أكثر حتى، كما في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي التي تعاني أساسا من أزمات ومشكلات اقتصادية، فاقمتها هذه العقوبات وزادتها حدة، مثل اليونان وإسبانيا وايطاليا، وهي جميعها دول مثقلة بالديون وتعاني من التضخم وارتفاع نسب البطالة والتراجع والانكماش الاقتصاديين، وهذه أزمات مزمنة تعود في تاريخها للعام 2008 ولغاية الآن".